يقول فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق على جاد الحق -رحمه الله-
أجمع المسلمون على أن من أنكر ما ثبتت فرضيته - كالصلاة والصوم ، أو حرمته كالقتل والزنا - بنص شرعى قطعى فى ثبوته عن الله تعالى وفى دلالته على الحكم وتناقله جميع المسلمين كان خارجا عن ربقة الإسلام لا تجرى عليه أحكامه ولا يعتبر من أهله.
قال ابن تيمية فى مختصر فتاويه ( ومن جحد وجوب بعض الواجبات الظاهرة المتواترة كالصلاة ، أو جحد تحريم المحرمات الظاهرة المتواترة كالفواحش والظلم والخمر والزنا والربا.
أو جحد حل بعض المباحات المتواترة كالخبز واللحم والنكاح فهو كافر ) لما كان ذلك فالشاب الذى أفطر فى نهار رمضان عمدا من غير عذر شرعى.
إذا كان جاحدا لفريضة الصوم منكرا لها كان مرتدا عن الإسلام، أما إذا أفطر فى شهر رمضان عمدا دون عذر شرعى معتقدا عدم جواز ذلك ، كان مسلما عاصيا فاسقا يستحق العقاب شرعا، ولا يخرج بذلك عن ربقة الإسلام، ويجب عليه قضاء ما فاته من الصوم باتفاق فقهاء المذاهب، وليس عليه كفارة فى هذه الحالة فى فقه الإمام أحمد بن حنبل وقول للإمام الشافعى، ويقضى فقه الإمامين أبى حنيفة ومالك، وقول فى فقه الإمام الشافعى بوجوب الكفارة عليه إذا ابتلع ما يتغذى به من طعام أو دواء أو شراب، وهذا القول هو ما نميل إلى الإفتاء به - وكفارة الفطر عمدا فى صوم شهر رمضان هى كفارة الظهار المبينة فى قوله تعالى { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير.
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم } المجادلة 3 ، 4 ، نسأل الله لنا وللمسئول عنه قبول توبتنا وهدايتنا إلى العمل بأحكام الدين.
فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي
لا يمكن أن يعوض يوم رمضان إلا بيوم مثله من رمضان آخر، وكل رمضان يأتي مشغول بواجب الصوم فيه لا محالة. ولذلك قال أبو هريرة رضي الله عنه: " من أفطر يومًا من أيام رمضان لم يعوضه يوم من أيام الدنيا " رواه الترمذي واللفظ له، وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة والبيهقي عن أبي هريرة وفي أحد رجاله مقال، ويروى عنه أن رجلاً أفطر في رمضان فقال أبو هريرة: لا يقبل منه صوم سنة .
وعن ابن مسعود: من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة لم يجزه صيام الدهر وإن صامه . ويروى عن أبي بكر وعليّ نحو ذلك .. فليتق الله كل مسلم في دينه، وليحرص على صيام رمضان، ولينتصر على شهواته، فمن انهزم أمام بطنه لم ينتصر في ميدان من الميادين.
يقول الدكتور أحمد الشرباصي " رحمه الله " الأستاذ بجامعة الأزهر :
صوم رمضان فريضة واجبة بحكم القرآن والسنة والإجماع، والقرآن الكريم يقول في سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الآية: 183).
وقال بعد ذلك: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة: 185).
وقد جاء في الحديث أن رجلًا سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: يا رسول الله أخبرني عمَّا فرض الله عليَّ من الصيام؟ قال: "شهر رمضان" قال الرجل هل عليَّ؟ قال النبي: "لا إلا أن تَطَوَّع".
وأجمعت الأمة على فرضية صوم رمضان، وأنه من أركان الدين المعلومة بالضرورة. وقد جاءت أحاديث كثيرة في الترهيب من إفطار رمضان، منها قوله عليه الصلاة والسلام: "عُرَى الإسلام وقواعد الدِّين ثلاثة، عليهن أُسس الإسلام، مَن تَرَكَ واحدة منهم فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان". وقال عليه الصلاة والسلام : من أفطر يومًا من رمضان في غير رُخْصَة رَخَّصها الله له لم يَقضِ عنه صيام الدهر كله وإن صام ". وقال بعض الأئم : إنَّ مَنْ أَفْطَرَ في رمضان بلا عُذر أو مرض؛ فهو مشكوك في إسلامه مظنون به الزندقة والانحلال.
فالشخص الذي صام تسعة وعشرين يومًا من رمضان فقد سقطت عنه تبعة هذه الأيام، وإذا أفطر ذلك اليوم الباي لعذر شرعي كسفر أو مرض، فإن صوم ذلك اليوم يكون دَيْنًا في ذمته يجب عليه قضاؤه متى وَجَدَ القدرة على ذلك، وأما إذا أفطر يومًا من رمضان عامدًا مُتعمِّدًا، بلا عُذْرٍ ولا سبب مشروع، فقد ارتكب جُرمًا عظيمًا وكبيرة بشعة، وقد علمنا ما جاء في الحديث الشريف من تهديد وترهيب لفاعل ذلك.
والله أعلم