حكم الدعاء للميت بأدعية خاصة ثم قراءة الفاتحة وصلاة الفاتح عقب
الدفن
السؤال :
أنا تونسي أقطن في مدينة صغيرة في الجنوب التونسي ، حيث
هناك إمام المسجد بهذه المدينة دائما ما يصلى هو على الميت ، وبعد دفنه يحيط بالقبر
مشيّعى الجنازة ،ويقوم بدعاء يستعمل فيه بعض الأدعية المأثورة عن النبي في صلاة
الجنازة يختتمه بسورة الفاتحة ، وبعدها صلاة الفاتح (اللهمّ صلى على محمد الفاتح
لما أغلق....) ، لكن في المدّة الاخيرة توفّى شخص بسبب مرض عضال، وترك وصيّة محددّا
فيها الشخص الذي يصلى عليه بعد موته ، وهذا الشخص الذي صلّى عليه محسوبا على المنهج
السلفي فصلّى عليه ، ثمّ بعد دفنه انتظر النّاس دعاء العادة لكنّه لم يفعل ،
متعلّلا أنّ هذا لم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، ونظرا لأن أهل المدينة لم
يتعوّدوا على مثل هذا الفعل لم يستسيغوه ، فأصبحت قضيّة الساعة عندنا وحديث الشارع
، وكادت تصبح فتنة ، فأرجوا منكم ان تمدّونا بالأدلّة الصحيحة لتوضيح الحق ، وأسأل
الله أن يبارك لكم في أعمالكم .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
الدعاء
للميت بعد الدفن سنة ؛ لما رواه أبو داود (3221 ) من حديث عثمان بن عفان رضي الله
عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم : (إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ
وَقَفَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ ، وَسَلُوا لَهُ
بِالتَّثْبِيتِ ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي
داود .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (
157114).
ثانياً:
الدعاء
للميت بعد الدفن بأدعية مأثورة ، ثم قراءة الفاتحة وصلاة الفاتح عقب الدعاء لم يأت
في الشرع المطهر ما يدل عليه ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
سئل
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " هل تجوز قراءة القرآن على الميت وعندما يدفن الميت
يقرأ عليه سورة ياسين والفاتحة مرتين ما حكم الشرع في نظركم؟
فأجاب : جوابنا على
هذا السؤال يحتاج إلى مقدمة نافعة وهي ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلنه
في خطبة يوم الجمعة فيقول : ( أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي
محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل
ضلالة في النار ) وهذه القاعدة العظيمة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحذر من مخالفتها ، هي القاعدة التي يجب أن يسير الإنسان عليها في دينه في عقيدته..
وإذا طبقنا هذا العمل الذي أشار إليه هذا السائل وهو أن يقرأ على الميت بعد دفنه
سورة ياسين وسورة الفاتحة ، أو قبل دفنه سورة ياسين وسورة الفاتحة إذا طبقناه على
القاعدة التي أسسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلنها لأمته وجدنا أن هذا العمل
بدعة وكل بدعة ضلالة.." انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .
وسئل علماء "اللجنة
الدائمة" (7/64): أيهما أفضل الصلاة الإبراهيمية أم صلاة الفاتح؟
فأجابوا:
الصلاة الإبراهيمية هي المشروعة؛ لأنها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أما
صلاة الفاتح فبدعة محدثة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عن النبي
صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه
البخاري ومسلم" انتهى.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو...نائب
الرئيس...الرئيس
عبد الله بن قعود...عبد الرزاق عفيفي...عبد العزيز بن عبد الله
بن باز .
وسئلوا أيضاً (7/66): هناك صلاة تقال من بعض الأشخاص: اللهم صل على
سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراط
مستقيم، هل هذا الدعاء صحيح أم لا؟
فأجابوا: لم تثبت هذه الصيغة عنه صلوات الله
وسلامه عليه ومعناها صحيح، إلا قوله: "الفاتح لما أغلق " فإن فيه إجمالا، فإن أريد
به أنه فاتح بشرعه العظيم لما أغلق على الناس واشتبه عليهم فهو حق، وإن أراد غير
ذلك فلا بد من بيانه حتى ينظر فيه، وخير منها وأفضل الصلاة الإبراهيمية المحمدية
التي علمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، ونقلها أصحابه إلى من بعدهم ، وهي ما
يأتي به المسلمون اليوم في آخر صلاتهم قبل السلام وهي المشروعة ، أما الصلاة
المسماة بصلاة الفاتح فبدعة يجب تركها لعدم نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم ولما
في أولها من الإجمال المحتمل الحق والباطل " انتهى
اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء
عضو...نائب الرئيس...الرئيس
عبد الله بن قعود...عبد الرزاق
عفيفي...عبد العزيز بن عبد الله بن باز
وعليه : فإن ما قام به الوصي هو
الصحيح ؛ لأن غاية ما ورد (اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ ، وَسَلُوا لَهُ
بِالتَّثْبِيتِ) وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم – لكن الذي يجب مراعاته
هو أن على طلبة العلم دعوة الناس إلى الله وبيان صحيح السنة من سقيمها بالقول
أولاً، حتى يكون الأمر مقبولاً حال تطبيقه على الواقع ، وكون هذا الأمر مشتهراً في
بلدكم من غير نكير، فهذا دليل على أن الناس لم تصلهم السنة في مسائل الدفن ، بل ولا
سمعوا بها من قبل ، ولا شك أن اللوم على طلبة العلم ، لتقصيرهم في تبليغ شرع الله
تعالى، بعد أن علموه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " ولاشك أن قيام طالب
العلم بهذه المهمة أمر واجب ، حتى تتم الإفادة والاستفادة من هذا العلم الذي تعلمه
، بأن يبدأ بأهله وإخوانه وجيرانه وزملائه وأهل حيه يعلمهم ويفقههم بما يجهلون في
أمور دينهم ، ويحذرهم مما قد يقعون فيه من أخطاء ومنكرات ،بحسب طاقته وجهده وعلمه ،
بالحكمة والموعظة الحسنة ، دون عنف أو قوة ، يستخدم طرق التشويق والترغيب في قوالب
سهلة ولينة ، ويكون قدوة ونموذجا ، يدعو الناس بلسانه وأعماله دون تناقض بين أقواله
وأعماله ، حتى يتأسى الناس به بكل رغبة يعلمهم ما تعلم ، ويحذرهم ما يحذر منه من
الأقوال والأعمال ، دون أن يكتم علما أو مسألة أو حديثا أو أية مسألة يسألونه عنها
؛ وذلك لأن العلماء هم ورثة الأنبياء وخلف الرسل ، والواجب عليهم إكمال تبليغ رسالة
الله وتفقيه عموم الناس، وعليهم الصبر على أداء هذه المهمة الشاقة ، وأن يحتسبوا
الأجر والثواب عند الله تعالى " انتهى من "مجموع الفتاوى"(23/448) .
والله
أعلم