السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة في الثالثة والعشرين من العمر متدينة الحمد لله، وعن غير إرادة أحببت رجلا متزوجا، نحب بعضا ويريد الزواج بي، ولكنه متزوج، وهو دائما في خلاف مع
زوجته، وأنا أخاف الله من أي شيء لا يرضي الله، وأخاف على أولاده - أي مصير هؤلاء الأولاد - وهل لو وافقت أكون ظلمت الأخت.
وأنا أساسا شايفة أن البيت مدمر، وأنا أحب الأولاد جدا، وأخاف أن يكرهوني، وهل حرام حبي لهذا الشخص، ومع العلم تقدم لخطبتي كثير وأنا أرفض؛ لأني أستحرم
أحب شخصا وأكون مع أحد ثاني، هذا أسميه خيانة، هل أنا بذلك ظلمت نفسي لا أعرف؟! ولا أفضل حبا بلا زواج، أنا أخذت بيده إلى أشياء كثيرة للإصلاح، وكل
الذين حوله لاحظوا التغير، وهو لا يستطيع العيش من غيري.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
فأما سؤالك عن حكم موافقتك على الزواج من رجل متزوج، فهذا لا إثم فيه ولا حرج فيه باتفاق الفقهاء، وقد نص الله جل وعلا على جواز الزواج بأكثر من واحدة، كما
قال تعالى: { فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} ولا ريب أن موافقتك في هذه الحالة لا تعد ظلماً للزوجة الأولى، فإن الشيء إذا أباحه الله تعالى،
لا يمكن أن يكون ظلماً بأي وجه من الوجوه، وهذا أيضاً مما لا خلاف فيه بين الأئمة، غير أنه وفي الوقت نفسه لا بد لك من تقوى الله تعالى، بحيث لا تجعلي من
زوجك يعامل زوجته بشيء من الظلم نظراً لميله الزائد إليك، فلا يجوز لك أن تحثيه على طلاقها، أو تطلبي منه عدم الاهتمام بها كإهمال المبيت عندها، بل الواجب
أمره بالعدل والإنصاف الذي أمر الله تعالى به، فإن لم يكن الرجل عادلاً فالواجب أمره بالعدل والإنصاف الذي أمر الله تعالى به، فإن لم يكن الرجل عادلاً فالواجب عليه
الاقتصار على واحدة فقط؛ ليخرج من ظلم الزوجة الأخرى، كما قال تعالى: { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة}.
وأما عن سؤالك عن حكم وقوعك في حب هذا الرجل، فإن كان ميلك إليه ناتجاً عن محبتك لحسن صفاته ولما سمعت عنه من الدين والخلق الحسن ونحو هذه المعاني،
فهذا ميل أنت معذورة فيه ولا حرج عليك فيه، بل ربما يتعذر دفع مثل هذا الميل إذا هجم على القلب، فإن أكثر ميول القلب لا طاقة للعبد في التحكم بها أو تصريفها كما يشاء.
وأما إذا كان ميلك له، نتج عن اختلاط به وعلاقة، كما يقع بين كثير من الرجال والنساء فلا ريب أن سبب هذا الميل حرام لا يجوز، فإن الله تعالى حرم النظر بين
الرجال والنساء الأجانب، كما قال تعالى: { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون* وقل للمؤمنات يغضضن من
أبصارهن ويحفظن فروجهن } ومن المعلوم أن الحب والعشق أكثر ما ينشأ من تكرار النظر وترديد البصر مع انشغال الفكر بذلك، ولهذا المعنى ثبت عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه سأل عن نظرة الفجأة فقال: ( أصرف بصرك) أخرجه مسلم، فهذا هو أنفع علاج للوقاية من الوقوع في مثل هذا الميول التي تجر إلى كثير من
الهموم والمتاعب مع ما فيها في كثير من الأحيان من المحرمات المنهي عنها.
وقد أشرت في سؤالك إلى أنك ترفضين الخطاب لأجل هذا الرجل، فالظاهر أنك متعلقة به جداً، فإذا كان عازماً على الزواج بك فما هو المانع ليتقدم إليك ويطلب الزواج
بك؟! فلا بد أن تنتبهي إلى أنه لا يحسن بك أن تعلقي نفسك بأمر غير واضح ولا مضمون بحيث تفوتك الفرصة تلو الفرصة، فالإجراء الصواب أن تبيني لهذا الرجل
أنه إن كان عازماً على الزواج بك، فليتقدم إليك وليبادر لإتمام الموضوع، وأما بقائك هكذا معلقة تردين الخاطبين، فهذا مما لا ينبغي أن يقع منك وأنت الفتاة العاقلة، لأن
هذه الفرص تأتي وتمر، وربما بعد ذلك صارت نادرة أو معدومة، فلا بد لك من الوضوح، وأن تعرفي موضع قدميك، وبكل صراحة وجلاء، فإن مثل هذه الأمور لا
تحتمل الغموض أو الوعود والأماني البعيدة التي لا دليل واضحاً عليها، فانتبهي واحذري، فإن الحياة تقتضي مواقف جادة لا سيما في مثل هذه المواضع المهمة
والخطيرة.
ونسأل الله تعالى لك التوفيق والهدى والسداد، وأن يريك الحق حقاً ويرزقك اتباعه ويريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه.